ترجمة من التركية: محمد حقي صوتشين
أشكر أحمد مراد، مؤلف كتاب “شاعر يسوق الدراجة” الذي جعلني أكتب هذه القصيدة
***
طيّب، هذا يعني أن لك أيضًا درّاجة
فضحكُ الأشجار وسياقة الدراجة
من العادات الجميلة كترنُّمِ غناء
من المحتمل أن لك قصيدة احتياطية عن ذلك
في رأيي، في الحقيقة، أنك لا تزال طفلَ أمس
وفي رأيك أنني لا أدري ما أقول
فليكن ما تقول، أظن أن مثل هذا التفكير أكثر درّاجةً
وأكثر ضحكًا وأكثر شجرةً، ويجب أن يكون أكثر من ذلك كله
***
يبدو أنني كنت أناهز الأربعين عندما شاهدتُ للمرة الأولى
فيلمي الوثائقي الطويل، ولم أشاهد فيلمًا وثائقيًا
عن الطبيعة أو ما شابهها، ومنذ خمسة عشر عامًا
تستمر الوثائقية دون أن أشاهدها، وهي عن هجرة الحيوانات
في إفريقيا، كم أجهشتُ بالبكاء بغتةً تلك السنوات
فطارت إفريقيا فرحًا، ونزل مطرها إلى الأرض
كأن الأغاني وصلت إلى قلبي ولم تصل إلى أذنيّ
أعرف أن الأغاني الخضراء كانت هدية إفريقيا
في الحقيقة أغانيها صفراءُ كما تعرفون
صفراءُ القَدَر، صفراءُ السُّود، وبغتةً
تفتّحت الأغاني كشباب شجرة
***
لا ينزل المطر على إفريقيا بل على روحها
وتكون قطراتها خضراء، السنغال، موريتانيا
مالي، كينيا، نيجيريا، هذا وطفلُ الأمس
يسوق درّاجته إلى خرائط قديمة وإلى صوت
ويسند آذانه إلى خريطة إفريقيا وهو صوت ضخم..
كأنني بكيتُ من أجلك سابقًا
ولم تكن عيوني مملوءة أو ما شابه ذلك كما هي الآن
الإنسان يبكي كغابةٍ أو جبلٍ
سواء كانت غابة مظلمة أو جبلاً محروقًا
تحولتْ جروحي إلى عيون وانفجرتُ بالبكاء
ما جدوى إراقتها، تشاد، السودان، والصومال؟
نحن الذين فقدنا دموعنا القديمة والجديدة لأولئك عجزوا على البقاء.
وأنتم أيها الذي لم تبق لهم كلمات في أغانيهم!
***
الإنسان، كما أسمّيه، يبكي عميقًا كالمحيط إذا بكى
كجبل أرارات يجهش بالبكاء، ومن ذلك
تهب العواصف في العالم وتأتي على الأخضر واليابس
وتقتلع الجبال من أماكنها
لو بكى الجميع هكذا مثل آسيا مثلاً
كانت الحكمة تتقطر من دموع الشرق في قديم الزمان
وكان البيضُ ينتظرون “عيد البكاء” للشرق
عسى أن تسقط حكمةٌ في عيونهم من هذه الفرحة
لو بكت إفريقيا هكذا الآن لِتغتسل وتتطهر العالَم الأبيض الجديد
***
… ليست القضية هي طفلُ الأمس أو الشعر أو إفريقيا
وأعتقد أنهم ليسوا أقدم الأطفال في العالَم فقط
بل هُم يُعتبرون “أمْس” العالَم على الرغم من أننا نسينا ذلك
يذكّرك الشعوب الطفلية الذين ترغب في شرب الحليب من أصواتهم
لا ينسى الأشجار وراكبو الدرّاجات والمشاة والشعراء
لإفريقيا والشعر على حد سواء فخرٌ كشجرة الباؤوباب
منعش بعناد، وعالٍ بعناد، وبطيئ بعناد، وأسوَدُ بعناد!
نبذة عن حيدر أرغولان
ولد في مدينة أسكيشهير عام 1956. درس علم الاجتماع في جامعة الشرق الأوسط التقنية بأنقرة وعمل مؤلف إعلانات. نشر ديوانه الأول “أسئلة لم يُردّ عليها” عام 1981. يكتب الشعر ومقالات. نشر 13 ديوانًا شعريًا و12 كتبًا نثرية. حاز على جوائز عديدة في تركيا. عمل عضوًا في لجان تحكيم عديدة خاصة بمسابقات وجوائز شعرية. أصدر مع زملاءه مجلة “أوتش تشيجيك” (الأزهار الثلاث) عام 1983 ومجلة “شعر آتي” (حصان الشعر) عام 1986، كما كان من معدّي مجلة “يازيليكايا” التي نشرت في أسكيشهير. شارك في مهرجانات عديدة على الصعيدين التركي والعالمي. وهو مدير مهرجان أسكيشهير الشعري الدولي. يدرّس الكتابة الإبداعية والشعر في جامعات تركية مختلفة. يكتب بانتظام للصحف والمجلات عن الشعر والأدب والثقافة. نشر ديوانه باللغة الفرنسية مع النص التركي الأصلي. ورد العديد من قصائده ضمن مختارات الشعر عالميًا وفي مجلات عديدة.
Categories: Şiir