Yazı

محمد حقي صوتشين | المعري والخيام من منظور المفكر العثماني التركي رضا توفيق: تحليل تقابلي

د. محمد حقي صوتشين

ملخّص

تستهدف هذه الدراسة تحليلاً تقابليًا بين الشاعر العربي أبي العلاء المعرّي والشاعر الفارسي عمر الخيّام انطلاقًا من مقاربات رضا توفيق (1869-1949) المعروف بلقب «الفيلسوف رضا» باعتباره من أبرز المفكّرين العثمانيين الأتراك، حيث تم تحليل الاتجاهات الشخصية والفكرية والفلسفية والدينية للشاعرَيْن بطريقة تقابلية. وأظهرت الدراسة أن الاتجاهات الشخصية والفكرية والأدبية للشاعريْن العربي والفارسي تسير عبر خطوط متباينة، على عكس التصور السائد بهذا الشأن.

الكلمات المفاتيح: أبو العلاء المعرّي، عمر الخيّام، رضا توفيق، الأدب العربي، الأدب الفارسي

  1. مدخل: نبذة عن رضا توفيق

ولد المفكّر التركي رضا توفيق المعروف شعبيًا بـ «الفيلسوف رضا» في 7 كانون الثاني 1869 في بلدة «جسر مصطفى باشا» من البلدات التابعة لمدينة أديرنة حينذاك والتي تقع حاليًا ضمن أراضي بلغاريا. بدأ رضا توفيق دراسته الابتدائية في مدرسة سيون اليهودية نظرًا لكون والده مدرّسًا في هذه المدرسة فتعلّم شيئًا من العبرية واللغة الفرنسية. في هذه الأثناء فقد المفكّر أمَّه فانتقل إلى عدة مدن ومدارس منها المدرسة السلطانية ومدرسة العلوم الإدارية والمدرسة الطبية التي تخرج فيها وعمره ثلاثون سنة. 

انتخب نائبا للبرلمان المسمى آنذاك «مجلسِ مبعوثان» عن مدينة أديرنه عام 1908، وسافر إلى بريطانيا ضمن وفد يرأسه طلعت باشا تلبية لدعوة من البرلمان البريطاني. ساند جمعية الاتحاد والترقي لكن أصبح من المعارضين بعد تولي أعضاء الجمعية الحكم في البلاد.

بعد إلغاء البرلمان عكف لتدريس الأدب والفلسفة في مدرسة «مرشد الاتحاد العثماني» و«دار الفنون» والمعهد الأمريكي للبنات، كما تلقى منه عدد من الكتّاب الأتراك دروس الفلسفة والأدب من بينهم الكاتبة المشهورة خالدة أديب آديفار.

اُضطرّ إلى مغادرة اسطنبول عام 1922 بعد النصر الذي حققته الحركة الوطنية التركية بزعامة مصطفى كمال أتاتورك وذلك لمعارضته لهذه الحركة وكونه من ضمن الوفد الذي وقع على معاهدة سيفر نيابة عن الدولة العثمانية في 1920 عقب الحرب العالمية الأولى بين الامبراطورية العثمانية وقوات الحلفاء، والتي أسفرت عن خسارة عدد هائل من المناطق التي كانت تابعة للعثمانيين.

عاش في المنفى في كل من القاهرة وعَمّان وأمريكا، وأخيرًا في جونية اللبنانية، ثم عاد إلى تركيا عام 1943 بعد العفو عن المنفيين حيث واصل الكتابة والتأليف. توفي عام 1949 في اسطنبول.

من مؤلفاته:

  • Textes Houroûfîs [نصوص الحروفيين]، بالاشتراك مع المستشرق الفرنسي كليمان هوارت، 1909.
  • قاموس الفلسفة المفصّل، 1916، 1920 (مجلدان)
  • عبد الحق حميد وملاحظاته الفلسفية، 1918
  • دروس فلسفية، 1919
  • رباعيات عمر خيام، 1922 (بالاشتراك مع الكاتب حسين دانيش)
  • سراب عُمْري (مجموعة شعرية)، 1934
  • دعوني أنا بدَوْري أتحدّث (ذكريات نشرها الباحث عبد الله أوتشمان)، 1993[1]
  1. عناصر التحليل في تقييم أبي العلاء المعري وعمر الخيام

لقد ألّف المفكر العثماني التركي رضا توفيق كتابًا يحمل عنوان «رباعيات عمر خيّام» طبع في اسطنبول عام 1922 تناول فيه الجوانب الفلسفية لرباعيات الشاعر الفارسي، وانتقد في كتابه النقاد الأوروبيين الذين شبّهوا الخيّام بأبيقور ولوكريشيوس وأبي العلاء وفولتير وجوته وشوبنهاور وهاينة.

تتناول هذه الورقة تحليلاً تقابليًا بين الشاعرين أبي العلاء المعرّي وعمر الخيام من منظور مفكر تركي له الباع في المجال الفكري والفلسفي في أواخر العهد العثماني وبعد تأسيس جمهورية تركيا.

ويعتبر البحث محاولة للتوصل إلى الإجابة على ما يلي: ما هي نقاط الشبه والاختلاف بين وجهات نظر أبي العلاء المعرّي وعمر الخيام من ناحية المزاج الشخصي والعقلية الفلسفية والفكرية والدينية وذلك كما رآه المفكر العثماني التركي رضا توفيق؟ وفي هذا الإطار سنقوم بتحليل للشاعرين المذكورين من النواحي التالية:

فلنبدأ بطرح السؤال الآتي: هل قرأ عمر الخيّام لأبي العلاء؟ هذا احتمال غير بعيد. وهو يرجع إلى سببين أولهما أن الشاعر الفارسي كان يجيد اللغة العربية ونظم الشعر بها فلم يكن أمامه حاجز لغوي، وثانيهما أن الفترة بين وفاة الشاعريْن لا تتجاوز ستين أو سبعين سنة حيث تذْكُر الكتب أن الخيّام عاش ما يزيد عن سبعين سنة، لذلك فليس من المستبعد أن الخيّام قد عاش أيام شبابه عندما كان أبو العلاء في قمة شهرته في ذلك العهد.

وعلى الرغم من تزامن حياة الشاعرين والتقارب بين أفكارهما الفلسفية والاعتقادية فإن هناك اختلاف كبير بينهما في تناول قضايا الحياة، لذا أريد أن أسرد فيما يلي نقاط الشبه والاختلاف بين الشاعريْن انطلاقا من خصائص معيّنة جمعتُها من ثنايا أفكار رضا توفيق.

2.1   المزاج الشخصي

يأتي في مقدمة الاختلاف بين الشاعرين التباين الناجم عن المزاج الشخصي والتي يتّسم به كل شاعر على حدة. ويرى رضا توفيق أن أبا العلاء يمثل سجايا العرق السامي تمثيلا كاملا على غرار تمثيل عمر الخيّام سجايا العرق الآري، حيث أن الأول يتسم بحزمه وصرامته وجِدِّه، أما الثاني فيتسم بشيء من المرونة و«خفة الدم».

وهذا التباين في المزاج بين الشاعرين جعل المعري يقترب إلى الرواقيين في نزعته الفلسفية، بينما جعل الخيّام يحمل النـزعة الإيبيقورية في تفكيره، مما أدى إلى إيمان كل منهما بمبادئ مختلفة في قضايا الحياة. وإذا طُرح السؤال التالي: «إلى ماذا يحتاج الإنسان ليعيش حياة حكيمة وسعيدة؟»، كان رد المعري هو «الفضيلة» بمعنى العزّة النفسية، بينما رد الخيّام هو «الذوق».

2.1.1  التشاؤم، وكراهية البشر

يرى رضا توفيق أن تشاؤم أبي العلاء ليس من قبيل التشاؤم المجرّد أو «الشاعري» كما هو الأمر لدى الخيّام، فالتشاؤم الذي يتّسم به أبو العلاء هو تشاؤم ملموس جادّ قاهر. فهو كابوس اليأس الذي يجثو على روح الشاعر الأعمى. وهل هذا النوع من التشاؤم ينطبق على الشاعر الفارسي؟ لا نعتقد ذلك، لأن تشاؤمه كما سبق القول تشاؤم نظري غير مباشر.

ونلاحظ في أبيات عديدة للشاعر العربي كراهيته البشر. لولا إيمانه الخالص بالله لفكّرنا أنه في ذلك يشابه الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور (1788-1860) وخاصة في تشاؤمه. يقول رضا توفيق إنه لم يعرف مفكرًا وصل إلى الدرجة التي وصل إليها المعري في التقزّز من استعداد البشر للشر ورداءته وخبثه وحماقته. ولم ير الشاعرُ العامّةَ بهذا المنظور فحسب بل لم يتردّد في وصف الأمراء الذين رحّبوا به وأحسنوا قبوله بالاستبداد والخيانة والفضاحة والذِّلّة والانغماس في الشهوات والملذّات. فهو يتفوّق على شوبنهاور في هذا البغض الذي يكنه ضدّ البشر.

يقول الشاعر العربي:

متى أنا في هذا التُّرابِ مُغَيَّـبٌ

* فَأُصْبِحَ لا يُجْنَى عليَّ ولا أَجْنِـــي

أَسِيرُ عن الدُّنيا ولَسْتُ بعائـدٍ

*

إلَيْها، وهلْ يَرْتَدُّ قَطْرٌ إلى دَجْــنِ؟

وَجَدْتُ بها أحْرارَها كعبيدِها *

قِباحَ السَّجايا والصَّرائحَ كَالْهُجْنِ[2]

كما أنه يَعيب الناس في وجههم مذكّرًا إياهم بفطرتهم الأصلية على حدّ زعمه، فيقول:

نُسِخَ المعاشر فَالغَضَنْفَرُ ثَعْلَـــبٌ * في لُؤْمِه؛ والناسُ كالنسنــــــاسِ
وتَفَكَّرْتْ نفسُ اللَّبيبِ وقَدْ رَأَتْ * أ شخوص جِنِّ أم شخوص أُناسِ
عُرْبٌ وعُجْمٌ دائِلونَ؛ وكُلُّنــــا * في الظّلمِ أهل تَشابُهٍ وجِنـــــاسِ[3]

إذن فالشرّ هو الأساس في الطبع البشري وهو منتشر بين الناس غريزيًّا في اعتقاد الشاعر حيث يقول:

وَالشرّ طبعٌ وقد بُثَّتْ غريزته

* مَقْسومةً بين أنواعٍ وأجناسِ[4]
سَجايا كُلُّها غَدْرٌ وخُبْــــثٌ *

توارثها أُناسٌ عن أُنــــاسِ[5]

وفي موضع آخر يقول:

بَنِي آدَمٍ بِئْسَ المعاشِرُ أَنْتُــمُ

*

وما فيكُمُ وافٍ لِمَقْتٍ ولا حُبٍّ![6]

ويرى رضا توفيق أن شوبنهاور يشاطر أبي العلاء رأيه عندما يقول: «يوجد في الدنيا شرّ، وهو الأصل، أما الخير فهو انعدام الشرّ». وبذلك فإن أبا العلاء وشوبنهاور يتفقان في هذا المبدأ الذي يشكل النقطة الأساسية للتشاؤم.

لذلك يفضل الشاعر العربي الانفراد والاعتزال لحماية صفوة نفسه وطهارتها، بل يعتقد اعتقادا تاما أن «البسيط طاهر بينما المعقّد خبيث»، فيخاطب في الناس قائلاً:

ما فيهِمُ بَرٌّ ولا ناسِــــــكٌ     *    إلاّ إلى نَفْعٍ لَهُ يَجْـــــــذِبُ

أَفْضَلُ مِنْ أفْضَلِهِمْ صَخْرَةٌ      *    لا تَظْلِمُ النّاسَ ولا تَكْـذِبُ

كلّ هذه الأفكار متناقضة مع أقوال عمر الخيّام في رباعياته، كما أن موقف الخيّام من الحياة والموت مختلف تماما عن موقف المعرّي. فالشاعر العربي يوصي بالزهد والانفراد ويطبّقهما في حياته الأمر الذي يتناقض مع تفكير الخيّام وعمله. لقد كان الشاعر الفارسي يعيش حياة رغدا، ويكتفي بالضحك إزاء حماقة الناس بحكمه فيلسوفًا «ليبراليًا» -إذا جاز التعبير- بالمعنى الفكري. على الرغم من استهزائه ببعض الأفكار الدينية بشكل طريف، إلا أنه لم ير في البشر الكراهية والرداءة، وقد وصّى في نهاية المطاف بحياة مليئة بالفرح والسعادة، وذلك عكس المزاج «الجادّ» الذي اتسم به الشاعر العربي والبعيد عن نطاق الاستهزاء والفكاهة.

2.1.2   الموقف من الملذّات الدنيوية

لقد قضى أبو العلاء وقته في كمال الزهد بعيدا عن الشهوات النفسية، وقد استحقر الشاعر تلك الملذات الدنيوية ليدعو الناس إلى الالتزام بحياة «الأحرار» التي لا يمكن التوصّل إليها إلا عن طريق الزهد والقناعة.

وهو في ذلك يختلف عن الخيّام الذي ينهمك في الملذّات ويقع في غرام الحسناوات في ثنايا رباعياته. فهو بهذا الاتجاه بمثابة «أبيقوري» عاقل ومعتدل، لا يجد في نفسه الرغبة في تلقين الناس درسَ الفضيلة والأخلاق، بخلاف أبي العلاء الذي أفرط في سرد القضايا الأخلاقية والفكرية وقام بتوصية الزهد والقناعة والفضيلة بدلا من الملذّات والشهوات.

2.2   العقلية الفكرية

الملاحظ في أبي العلاء كونه صاحب «عقلية منطقية» الأمر الذي جعل من معظم شعره نماذج فلسفية تمتاز بمتانة الأسلوب والإيجاز والبلاغة، إلا أنها صارمة وحازمة باعتباره ناظمًا للحكمة على غرار الشاعر اللاتيني لوكريشيوس، بخلاف الخيّام الذي يمتاز أسلوبه بالمرونة والليونة. ويسيطر على كلمات المعرّي ومعانيه صرامة العقل وقوّته مما يجعله شاعرًا واقعيًا بكل معنى الواقعية، فلديه الرغبة الحازمة في الاستسلام للعقل لا للنفْس أو الغرائز.

2.2.1   اللاأدرية

تأتي في صدارة أوجه الشبه بين أبي العلاء والخيّام نزعتهما الواضحة إلى فكرة اللاأدرية في قضايا ما وراء الطبيعية واللاهوت. وقد أوضح أبو العلاء أفكاره في هذا الموضوع بكل شجاعة وإخلاص في عهد لم تكن فيه حرية التعبير على ما هو عليه الآن في الأنظمة الديمقراطية الحرّة.

وتعتبر الأبيات الشعرية التالية وثائق مهمة تكشف عن النـزعة اللاأدرية لدى الشاعر العربي الحكيم:

قُلْتُمْ: لنا خالِقٌ حكيمٌ

* قلنا: صَدَقْتُمْ، كذا نقولُ

زَعَمْتُمُوه بلا مكـــانٍ

*

ولا زمانٍ ألا فقـولــوا

هذا كلامٌ لهُ خَبِــــيٌّ *

مَعْناهُ: لَيْسَتْ لنا عُقولُ[7]

ولا شكّ في أنه لا يوجه خطابه إلى المجتمع المؤمن تقليديًا بل إلى المتكلّمين الذين يشتغلون باللاهوت وما يتعلق به حيث يخاطبهم قائلا: «تقولون إنه يوجد صانع حكيم، فنحن أيضًا نصدق وجوده دون معرفة وإدراك حقيقته، لكنكم في محاولة تعريفه تزعمون أنه موجود خارج الزمان والمكان. هذا هو الأمر الذي لا نقبله بحكمه مغاير للعقل».

أما لاأدرية الخيّام فهي تظهر في إيمانه بـ«قدرة إلهية كلّية» إيمانًا أقرب إلى عقيدة فلسفية أكثر منها إلى دينية حيث لا يرد في رباعياته كلمة «الله» بل يتحدث الشاعر الإيراني عن «قدرة إلهية فوق البشر» بأسلوب صوفي، إلا أننا نلاحظ كلمة «الله» في مواضع كثيرة في شعر أبي العلاء الذي يؤمن بالله إيمانًا صادقًا مخلصًا. وهو يصف «الله» في شعره بصفات مثل: «القهار» و«ذو الجلال» و«العزيز» و«ذو انتقام». فهو أقرب إلى ربّ التوراة أكثر منه إلى ربّ الإنجيل، على حد قول رضا توفيق الذي يعتبره ضمن «الجبرية». لاحظوا الأبيات التالية:

تعالَى اللهُ كَمْ مَلِكٍ مَهِيــــبٍ

*

تَبَدَّلَ بعدَ قَصْرٍ ضيقَ لَحْـــــدِ

اُقِــرُّ بأنّ لي ربًّا قديــــــــرا

*

ولا أَلْقَى بدائِعَهُ بِجَحْــــــدِ[8]

رَدَدْتُ إلى مَليكِ الخلقِ أَمْرِي *

فلم أسألْ متى يقعُ الكُسوفُ؟

فَكَمْ سَلِمَ الجَهُولُ من المَنـايـا *

وعُوجِلَ بالحِمامِ الفَيْلسُــوف![9]

إن أبا العلاء ليس ريبيًّا على الإطلاق في الإيمان بالله، بل يستغرب الكلام عن كيان الله قائلاً:

لنا خالقٌ لا يَمتري العقلُ أنَّهُ

*

قديمٌ فَما هذا الحديثُ المولَّدُ[10]

أما الخيّام فلا يتصوّر الله كما يتصوّره أبو العلاء، فموقف الخيّام من الله موقف فلسفي بحت بمعنى الكلمة.

2.2.2    الشكوكية

يستبعد أبو العلاء وجود «العلم اليقين» ويبذل قصارى جهده للتوصل إلى «الظن والحدس»، نرى هذه الشكوكية بشكل واضح في البيت التالي:

أمَّا اليَقينَ فلا يَقينَ؛ وإنَّما

*

اقصى اجْتهادي أنْ أظُنَ واَحْدَسَا[11]

في الواقع لم يقل الفلاسفة الشكّاكون اليوناينيون أكثر من ذلك وعلى رأسهم بروتاغوراس. وفوق ذلك فإنه يشكّ في القضايا الأساسية المتعلقة بسرمدية الروح والحياة الآخرة شكًا يميل إلى الإنكار. لاحظوا ما يرد في الأبيات التالية:

قَدْ قِيلَ إنَّ الرُّوحَ تَأْسَفُ بَعْدَمـا   *   تَنْأَى عَنِ الْجَسَدِ الذي غَنِيَتْ بِهِ

إنْ كان يَصْحَبُها الْحِجَى فَلَعَلَّها    *     تَدْرِي وتَأْبَهُ للِزَّمانِ وعَتْبِـــــهِ

أوْلَى، فَكَمْ هَذيانِ قَوْمٍ غابِــــــرٍ      *      في الكُتْبِ ضاعَ مِدادُهُ في كُتْبِـهِ

كما يعبر الشاعر عن غموض ماهية الموت والروح في الأبيات التالية التي تدل على كونه من أعظم الشعراء:

أَمّا الصِّحابُ فقد مَرُّوا وما عـــادُوا

*

وبَيْننا بِلقـــاءِ المَوْتِ ميعـــــــادُ

سِرٌّ قديمٌ، وأمْرٌ غَيْرُ مُتَّضِـــــــــحٍ

*

فَهَلْ على كشْفِنا لِلحقِّ اِسْعــــادُ؟

سَيْرانِ ضِدّان: مِنْ رُوحٍ ومِنْ جَسدٍ

*

هذا هبــوطٌ، وهذا فيـه إصْعــادُ

أَخْذُ المنايا سِوانا وهْيَ تاركـــــــةٌ

*

قَبِيلَنـا عظـــةٌ منهـــا وإيعــــادُ

تَوَقَّعوا السَيْلَ اَوْفَى عارضٌ وَلَــــهُ

*

في العينِ برقٌ، وفي الأَسْماعِ اِرِعادُ[12]

أما الشاعر الإيراني فهو أيضًا من اللاأدريين، بفرق واحد من أبي العلاء وهو أنه ينكر تلك القضايا المتعلقة بالروح والحياة الآخرة بل يستهزئ منها في رباعياته. ويتقارب أسلوب الشاعرين العربي والإيراني في مثل هذه القضايا كما هو الحال في الأبيات العلائية التالية:

غَيْرُ مُجْدٍ، في مِلَّتـي وَاعْتِقـــــادي

* نَوْحُ باكٍ، ولا تَرَنُّـــمُ شــــادِ

وشَبِيهٌ صَوْتُ النَّعِــــيِّ إذا قِيــــ

*

ـسَ بِصَوْتِ البَشِيرِ في كُلِّ نـادِ

أَبَكَتْ تِلْكُمُ الحَمامَـــــةُ، أَمْ غَــــ

*

ـنَّتْ على فَرْعِ غُصْنِـها المَيَّـــادِ؟

صاحِ! هذي قُبورُنا تَمْلَأُ الرّحْـــــ

*

ـبَ، فَأَينَ القُبورُ من عهد عادِ؟

خَفِّفِ الوَطْأَ! مـا أَظُنُّ أدِيمَ الــــ

*

أَرْضِ إلاّ مِنْ هذِهِ الأَجْســـادِ

وقَبِيــحٌ بِنـــا، وإنْ قَـدُمَ العَهْـــ

*

ـدُ، هَوَانُ الآباءِ والأجْــــدادِ

سِرْ، إنِ اسْتَطَعْتَ، في الهَواءِ رُوَيْدًا،

*

لا اختِيالاً على رُفاتِ العِبـــادِ

رُبَّ لَحْدٍ قد صارَ لحدًا مِـــــرارًا،

*

ضاحِكٍ من تَزاحُم الأضـدادِ

ودَفيـــنٍ على بقايـــا دَفيــــــنٍ

*

في طويلِ الأزْمانِ والآبـــــادِ

فاسأَلِ الفَرْقَدَيْـــنِ عمّــن أحَسَّا

*

من قَبيــلٍ، وآنَســا مــن بِلادِ

كَــم أقامــا على زَوالِ نهـــــارٍ؛

*

وأنارا لِمُدْلِـــجٍ في سَـــــوادِ؟[13]

2.2.3   الموقف من الأديان

هناك تشابه بين الأفكار الفلسفية التي يتبنّاها الشاعران في موقفهما الحر تجاه الأديان والمذاهب، لكن إذا دققنا النظر نرى اختلافات دقيقة بين آرائهما. وعلى الرغم من إيمانه بالله فأبو العلاء لا يؤمن بأي دين ويرفض الأديان باستهتار ويستخفها. ويرى رضا توفيق أن كراهية الشاعر للأديان ليست ناجمة عن حالته الروحية أو مزاجه الفلسفية بل البيئة التي تحيط به هي التي أثرت في تكوين هذه الحالة. لا شكّ أن القرن الرابع الهجري كان «بَيْدرًا» للفساد السياسي والأخلاقي، على حد قول رضا توفيق. وقد أدت الاضطرابات والاختلافات المذهبية التي عمّت العالَم الإسلامي إلى مؤامرات سياسية تم فيها استخدام الدين للتوصل إلى أهداف سياسية معيّنة مما عكر صفو الدين وسبب في تعميق الانقسام في العالَم الإسلامي. ويرى الشاعر أن الدين الذي يعجز عن إصلاح البشر عبارة عن رياء ونفاق، حيث يقول:

قَدْ حُجِبَ النُّورُ والضِّياءُ

*

واِنَّمــا دينُنــــا رِيـــــــاءُ[14]

كما يَعتبر المذاهب وسائل يتوصل بها الرؤساء إلى أغراضهم:

إنما هذه المذاهبُ أسْبــــا

*

بٌ لجَذْبِ الدُّنيا إلى الرُؤَساءِ[15]

على الرغم من إيمانه المخلص للقادر القهّار فهو يكتفي بهذه القناعة فلا يتردد في انتقاد جميع الأديان انتقادًا عنيفًا، بل لا يخاف من دعوة الناس أحيانًا إلى التمرّد ضد الأديان. نشهد هذا النوع من الشجاعة عند الفلاسفة الملحدين الذين مهّدوا الطريق للثورة الفرنسية. وبكل هذه الأفكار والسلوك يبدو الشاعر العربي وكأنه من أبناء القرن الثامن عشر الميلادي بدلا من كونه من أبناء القرن الرابع الهجري.

لقد وقف أبو العلاء على مسافة متساوية من الأديان كلِّها، كما اشتكى بنفس الدرجة من منسوبي الأديان كلِّها، حيث يقول:

ما أَسْلَمَ المسلمونَ شَرَّهُـــمُ

*

ولا يَهودٌ لتَوْبَــةٍ هـادوا

ولا النَّصارى لدِينِهِمْ نَصَروا

*

وَكُلُّهُم لي بذاكَ أَشْهـادُ[16]

ويقول في موضع آخر:

هَفَتِ الحَنيفَةُ والنَّصارَى مَا اهْتَدَتْ

*

ويَهُودُ حارَتْ، والمَجوسُ مُضَلَّلَهْ

اثنـانِ أَهْلُ الأَرْضِ: ذو عَقْــلٍ بلا

*

دِينٍ وآخَرُ دَيِّنٌ لا عَقْــلَ لَـــــهْ[17]

ولا يُخْفي الشاعر قناعتَه فيما يتعلق بعجز الأديان في إصلاح الناس على حدّ زعمه:

دَعا موسى فَزالَ وقامَ عيســى

*

وجاءَ محمّدٌ بِصلاتِ خَمْــــسٍ

وقيل يَجئُ دينٌ غيـر هــــــذا

*

وَأَوْدى الناسُ بينَ غَدٍ وأَمـسِ

وآخِــرُها بِأَوَّلِهـا شَبيـــــــهٌ

*

وتُصْبَحُ في عَجائبها وَتَمـــسى

إذا قُلْتُ المُحالَ رَفَعْتُ صَوْتي

*

وإنْ قُلْتُ اليَقينَ أَطَلْتُ هَمْسي[18]

كما نلاحظ من هذه الأبيات أن أبا العلاء يستغرب كافة الأشكال الدينية، ويبدو أنه يحمّل الأديان مسؤولية الخلافات والنـزاعات بين الناس. في الواقع ليس للشاعر مشكلة مع ماهية الأديان بل يبدو أنه يعاني من عدم قيام الناس بإصلاح شأنهم للتوصل إلى الأخلاق الحسنة.

ومن المحتمل أن الشاعر عمر الخيّام كان لديه إلمام بهذه الملاحظات الخاصة بشعر أبي العلاء. ربما كان لهذه الملاحظات وقع على نفسه لكن القارئ لا يراها واضحة في شعر الخيّام، فهو يكتفي بابتسامة مستهزئة استهزاءًا رقيقًا لطيفًا إزاء معتقدات الشعوب. ولا يتشابه من هذه الناحية بأبي العلاء ولا بشوبنهاور المعروف بتشاؤمه وبغضه من البشر.

ويعتقد أبو العلاء أن إصلاح الناس لا يجري إلا من خلال العقل حيث إنه غير مقتنع بتأثير النقل في الإصلاح. أما عمر الخيّام فهو ليس أخلاقيًا ولا إصلاحيًا على الإطلاق. وإذا حاولنا أن نقارنه بأحد فهو يشابه فولتير في موقفه الذي لا يبالي بالديانات.

2.2.4   الشعرية

يطرح رضا توفيق مفهومين عند المقارنة بين لاأدرية أبي العلاء ولاأدرية الخيّام وهما: النظم والشعر. فيصف أقوال أبي العلاء «نظمًا» بينما يعتبر أقوال الخيّام «شعرًا»، حيث يقول الناقد التركي: «عند مقارنة أبيات أبي العلاء الخاصة باللاأدرية مع إحدى رباعيات الخيام المتعلقة بالموضوع نفسه، ستلاحظون بصورة واضحة كلّ الخصائص التي تميّز بين النظم والشعر، ففي كلام الشاعر العربي منطق حادّ حِدَّة السيوف القديمة الشهيرة في برية الشام، إلا أنه ينعدم من هذا الكلام المجازُ الشعري حيث لا يبدو في الأبيات المذكورة آنفًا ما يدل على المجاز من استعارة إلا كلمة واحدة وهي كلمة «خبيّ»،  بخلاف رباعيات عمر الخيّام التي تقدم أجمل نماذج الشعر بفضل أسلوبها المجازي السحري».

  1. خاتمة

لقد رأينا من خلال نقاط الاتفاق والاختلاف بين أبي العلاء والخيّام ما يلي:

نرى الاختلاف الأكبر بين أبي العلاء وعمر الخيّام في مزاجهما الشخصي حيث يمثل أبي العلاء سجايا العرق السامي الذي يصفه رضا توفيق بالحزم والصرامة والجدّيّة، بينما يمثل عمر الخيام سجايا العرق الآري الذي يتسم غالبًا -على حدّ زعم رضا توفيق- بالمرونة وخفة الدم.

يميل أبو العلاء في نزعته الفلسفية إلى الرواقيين، بينما عمر الخيام يميل إلى الأيبيقوريين.

في شعر المعري لقطات عن البيئة الاجتماعية والثقافية والسياسية التي عاش فيها الشاعر وأخلاق الفرد والمجتمع بحكمه مرآة صادقة لعصره ومجتمعه الأمر الذي نادرًا ما نراه في رباعيات الخيّام.

يعتقد أبو العلاء أنه تجب ملازمة الزهد والانفراد لتقززه من البشر، بينما عمر الخيّام لا يكره الناس بل يستهزئ منهم. ويرى الأول أن على الإنسان تجنّب الملذات والشهوات ليتوصل إلى الكمال، في الوقت الذي يعيش فيه الخيّام حياة رغدًا ويدعو إلى الانهماك في الملذّات.

ومن الناحية الفكرية هناك تشابه عام بين الشاعرين في أفكارهما الخاصة بالديانات وقضايا الروح والحياة الآخرة بفارق أن هذه النـزعة تميل إلى الإنكار عند عمر الخيّام.

أما من ناحية الشعرية فأبو العلاء له أسلوب حقيقي واضح، بينما عمر الخيّام له أسلوب مفعم بالمجاز.

نوجز أوجه الشبه والاختلاف بين الشاعرين في الجدول التالي:

 

أبو العلاء

عمر الخيّام

المزاج الشخصي

التشاؤم تشاؤم جاد ملموس قاهر(يشابه تشاؤم شوبنهاور)

تشاؤم نظري شاعري

الكراهة من البشر يتقزّز من الناس ويؤمن بضرورة الزهد والانفراد

لا يكره البشرية لكن يستهزئ منها ويعيش حياة رغدًا

الملذات الدنيوية

«لا يمكن للإنسان أن يكون حُرًّا إلا بالزهد والابتعاد عن الملذات»

منهمك في الملذّات ويدعو إليها

العقلية الفكرية

اللاأدرية

لا أدريّ، يؤمن بالله «القهار»، «العزيز»، و«ذو انتقام»

لا أدريّ، يؤمن بالله إيمانًا فلسفيًا أكثر من كونه دينيًا

الشكوكية

شكوكيّ في قضايا الروح والحياة الآخرة

نزعته تميل إلى الإنكار بأسلوب مستهزئ

الديانات

لا يبالي بالأديان والمذاهب لكنه أخلاقي عقلاني

يستهزئ استهزاءًا رقيقًا بمعتقدات الشعوب

الشعرية

ناظم يتّسم بالأسلوب الحقيقي الحادّ «حدّة سيوف برية الشام».

شاعر يتّسم بالأسلوب المجازي.

الهوامش:

[1]  للتفاصيل راجع: رضا توفيق، دعوني أنا بدوري أتحدث (باللغة التركية)، دار إيليتيشيم، اسطنبول، 2008.

[2]لزوميات، 3/252

[3]لزوميات، 2/42

[4]لزوميات، 2/35

[5]لزوميات، 2/39

[6]لزوميات، 1/164

[7]لزوميات2/410

[8]لزوميات، 2/9

[9]لزوميات، 3/394

[10]لزوميات، 1/388

[11]لزوميات، 2/29

[12]لزوميات، 1/417

[13]سقط الزند، 7-8

[14]لزوميات، 1/61

[15]لزوميات، 1/80

[16]لزوميات، 1/439

[17]لزوميات، 2/451

[18]لزوميات، 2/39

المصادر

توفيق، رضا وحسين دانيش (1922). رباعيات عمر خيّام، الطبعة الأولى، اسطنبول: شهزاده باشي أوقاف مطبعه سي.

المعري، أبو العلاء (1957). شرح ديوان سقط الزند. بيروت: دار بيروت ودار صادر.

المعري، أبو العلاء (بدون تاريخ). شرح لزوميات. تحقيق: سيدة حامد وزملاؤها، إشراف ومراجعة: حسين نصار، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.

Düzgün, Osman (2011). Ebu’l-Alâ el-Ma’arrî’nin Luzûmiyyât’ında Toplum, Aile ve Din, Basılmamış Doktora Tezi, Ankara Üniversitesi, Sosyal Bilimler Enstitüsü.

Tevfik, Rıza (2008). Biraz da Ben Konuşayım (Yay. Haz. Abdullah Uçman). İstanbul: İletişim Yayınları.

Uysal, Ahmet E. (1964). Edebiyat Açısından Doğu ve Batı Mistisizminde Zaman Düşüncesi I, Ankara Üniversitesi Dil ve Tarih-Coğrafya Fakültesi Dergisi, 22 (1.2), ss. 71-99.

GENİŞ ÖZET / ملخص موسّع باللغة التركية

Rıza Tevfik’in Bakış Açısıyla El-Ma’arrî ve Hayyam: Karşılaştırmalı Bir Yaklaşım

Bu çalışma, Osmanlı entelektüellerinden “Feylesof Rıza” olarak bilinen Rıza Tevfik (1869-1949)’in yaklaşımlarından yola çıkarak Abbasi Arap şairi Ebu’l-Alâ el-Ma‘arrî (973-1058) ile İranlı şair Ömer Hayyam’ı (1048-1131) karşılaştırmıştır. Çalışmada söz konusu şairlerin karakterleri, entelektüel, felsefi ve dini eğilimleri karşılaştırmalı bir yöntemle çözümlenmiştir. Söz konusu şairler kişisel karakter (kötümserlik, insanlardan nefret ederek uzlete çekilme, dünya lezzetlerine karşı tutum) ve entelektüel zihniyet (agnostizm, septizm, dinlere karşı tutum, maddecilik ve şiirsellik) açılarından mukayese edilmiştir. Karşılaştırma yapılırken Rıza Tevfik’in bu konudaki görüşleri özellikle vurgulanmıştır.

Kişisel karakter açısından incelendiğinde el-Maarri’nin ciddi, kararlı ve sert karakterde olduğu, Hayyam’ın ise yumuşak huylu ve “sıcakkanlı” kişiliği öne çıkmıştır. Bu durum el-Maarri’yi Stoacılara, Hayyam’ı ise Epikürizme yaklaştırmıştır. “İnsanın bilge ve mutlu bir yaşam sürmesi için neye ihtiyacı vardır?” şeklindeki soruya el-Maarri’nin yanıtı “fazilet ve onur”, Hayyam’ın ise “haz” olmuştur. İki şairin karamsarlık durumları da birbirinden farklıdır. Hayyam’ın şiirlerindeki karamsarlığı “şairane” bir nitelik taşırken el-Maarri karamsarlığında son derece ciddidir. Onun karamsarlığı okuyucuya Alman filozof Arthur Schopenhauer’ı anımsatmaktadır. El-Maarri de Schopenhauer gibi dünyada içgüdüsel olarak temelde kötülük olduğunu, iyilik halinin kötülüğün olmama halinden ibaret olduğunu düşünmektedir. Sık sık uzlete çekilmesi kendi ruhunu koruma isteğinden kaynaklanmıştır. Buna karşılık Hayyam rahat bir hayat yaşamıştır. “Liberal” bir anlayışa sahip olması nedeniyle insanların “ahmaklıklarına” gülüp geçmekle yetinmiştir. Şairlerin dünya lezzetlerine bakış açılarında da ciddi farklılıklar vardır. El-Maarri köşesine çekilip kanaat getirmekle “özgür” olunabileceğine inanırken Hayyam, rubailerinde dünya zevklerine dalmakta, insanlara ahlak dersi vermek gibi bir misyon üstlenmemektedir.

Entelektüel zihniyet açısından da el-Maari ve Hayyam arasında önemli farklılıklar ve benzerlikler bulunmaktadır. El-Maarri’nin şiirine akıl egemendir. Şair içgüdülerine değil aklına teslim olmaktadır. Hayyam ise aksine yumuşak ve esnek bir üsluba sahiptir. İki şair arasındaki en önemli benzerlik, metafizik ve teolojik konularda agnostik olmalarıdır. El-Maarri bu konudaki fikirlerini samimi ve cesur bir şekilde ifade etmiştir. Hayyam’ın agnostizmi ise sufi bir karakter alır. Öte yandan iki şair de şüphecidir ancak Hayyam şüpheciliğini ifade ederken alaycı bir üslup takınmaktadır.

Şairlerin dinlere bakış açısında da benzerlikler bulunmaktadır. İki şair de din ve mezheplere karşı “özgür” bir tutum göstermişlerdir. El-Maarri, Allah’a inanmasına karşın dinlere inanmamaktadır. Dahası, Arap şairi zaman zaman halkı dinlere karşı isyan etmeye çağırmıştır. Şair, insanlar arasındaki anlaşmazlıklardan dinleri sorumlu tutmuş, ahlaka ve akla vurgu yapmıştır. El-Maarri’ye göre insanlar dinle değil akılla ıslah edilebilir. Ömer Hayyam ise bu konuda ne ahlakçı ne de reformist bir tutum takınmıştır. Hayyam rubailerinde, tıpkı Voltaire gibi dinlere “aldırmayan” bir tutum göstermiştir.

Şiirsellik açısından bakıldığında Rıza Tevfik iki kavram ortaya atmıştır: Nazım ve şiir. Nazımda mecazlı ifadeler az kullanılır. Şiirde ise mecaz yoğun bir biçimde yer alır. Buna göre el-Maarri’nin beyitleri “nazım”, Hayyam’ın rubaileri “şiir” olarak tanımlanmıştır.

Çalışma, iki şairin kişisel, düşünsel ve edebi eğilimlerinin sanılanın aksine oldukça farklı yelpazede seyrettiğini göstermiştir.

Gazi Üniversitesi Gazi Eğitim Fakültesi Dergisi (GEFAD)

GEFAD / GUJGEF33: 69-91(2013)

Bir Cevap Yazın